الأُخوَّة: عطاء لا ينقطع!
من نعم الله على عباده ومنحه التي لا تعد ولا تحصى، نعمة الأخوة في الله، والتحاب فيه سبحانه، والتآخي على طريق الدعوة إليه، وهي طريق شاقة محفوفة بالمكاره والمخاطر، ولا مناص فيها من صبر وتواصٍ عليه، ومن حق وتواصٍ بالاستمساك به؛ وهذا التواصي لا يكون إلا بأخوة صادقة خالصة متمحضة الغاية. وقد ألَّف الله بهذا الدين بين قلوب متنافرة، وردم عدوات متوارثة، وأنهى ثارات باطلة، لو أنفق الناس مثل الأرض ذهباً لما استطاعوا تحقيق هذا التأليف والإصلاح، وإزالة تلك الإحن والضغائن، وهي نعمة جليلة جديرة بالذكر والترداد، ولذا امتن الله بها على عباده في غير ما موضع من كتابه، كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ (آل عمران 103)، وقوله جل وعلا: ﴿هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم﴾ (الأنفال 42). والأخوة التي ربما يعبر عنها في بعض الأدبيات بالصداقة أو الرفقة أو الزمالة ضرورة بمقتضى الطبيعة الإنسانية، ولامناص منها لأي ت...